26‏/03‏/2012

القوي الثلاث في المناهج الثلاث

 تتزايد نبرة السخط من كافة أشكال الحيااة السياسة المستبدة, بتوجهاتها الإنتهازية السلطوية, التي تسعي دائماً لإبتداع المنُازعات لكي تحصل علي دعامات قوية تُساعدها في خلق مشاريعها الخاصة, و يظل كل ذلك علي حساب الطبقة الكادحة المُنهمكة في جلب أدني أشكال الحياة لكي يحيوا كبشر, و من جانب أخر يبدون و كأنهم صلصال يُشكل كدُعامات التي سُرعان ما تنهار من فاشيتها و عبثها اللا مُتناهي في جشع الإستغلال من القوي الإنتهازية المُسيطرة علي كافة مُجريات الحياة الإجتماعية بموجب سُلطات لا شرعية لها من المنطق العقلي.
تُعد أحداث الأغلبية البرلمانية في سحب البساط من حكومة الجنزوري بشكلها الحالي, نوعاً مُحدثاً و متطوراً من صراعات الديوك, التي تبدأ بحلقات مُفرغة المحتوي لرفع شأن القضية و تحويلها إلي صراعٍ من أجل الوطن, و يكون النجم فيها هو من يملك أكبر عدد من البالونات لإختبارها و تفجيرها في أوساط النزاع, فكافة هذه البالونات هي عبارة عن إدخار سنة من المنهج السياسي المُتكامل, الغاضِِ عن كافة الأشكال المُعادية للنظام, و الإكتفاء فقط بتكوين أرض خصبة من الطرف الأقوي لجلب ثمار أكثر ةو أكثر إنتهازية من غيرها من المناهج, و يكون الغذاء الراوي لها الدماء التي أُهدرت من أجل الإنتهازية السياسة.
في وقت إنهمكت فيه القوي الثورية  بإسترداد الثورة بأليات لا تُعد حتي الأن عنيفة, فقد مُرس أقصي درجات ضبط النفس, و فيما يحدث من حولنا من الدول, فقد أثبتنا أننا بمنهجنا هذا لم نُحصل الثورية التي لا تُهزم أو الإنتفاضة التي خضعت, فمنذ بداية الفترة الإنتقامية و هم بخبراتهم المُستفادة من ثورة 1952 و الفكر الناصري الجامد الراكد, وعوا أن لا مكان لهم في الشارع الثوري, و قوتهم الحقيقة في تكوين أكبر بساط سلطوي لتنفيذ المشاريع الخاصة, و التي مع الوقت ستتحول إلي بُقع سرطانية تعمل بمبادئ جديدة مبنية علي القوة الإمبريالية التي تعمل في ظل هذا النوع من العوامل المُحيطة سياساً و إجتماعياً, فإرادة السلطة في هذه البيئة الإجتماعية ليست إنتهازية تُقاس بما ذكرته مُسبقاً, لأننا لسنا في مُجتمع لاسلطوي كي ينطبق مثل هذا التعبير الفاشي الإقصائي عليه, فبأي حال من المُحال لا يجب أن نلوم نجاح غيرنا في إستراتيجيته علي تشرذمنا في فترة دقيقة جداً, مع التسلم بأن مكاسب بضعة الأشهر الماضية لم و لن يقدر عليها أي منهج سياسي مُتكامل, فلو نظرنا بشكل أكثر موضوعية, ماذا كانت النتيجة لو توحدنا؟ فهذا أيضاً ليس نقطة للمرحلة الحالية لكي نُعاتب أنفسنا, بل لإستنباط أفكار و أليات أُخري لفهم الواقع غير النظرية العلمية و التوجهات إديولوجياً, لأن بهذا الشكل و تعمقنا في التنظير في غياب قوي للواقع يُهل علينا بمُهاترات و تنظير بلا فائدة.

 إمتاز المجلس العسكري خلال الفترات الحالية و السابقة بقوته في فتح الثغرات و تغيير المُحتوي من أخر إلي أخر لمجرد كلمة, فكان ينتهز كافة الفرص الكبيرة و الصغيرة في عمل بطولة قوية لذاته, بأسلحة عدة يتصدرها السلاح الفكري و يحميها التسيس للسلطات الثلاث بتغيير مُجريات الأمور بطرق عدة, و لكم في أحداث ماسبيرو عبرة بتحويلهم من موقف الظالم في أسباب الإعتصام من المطالبة بحقوق عدة إلي فتنة طائفية دعت خلالها بالتدخل المُباشر بالعنف من أطياف الشعب,و أيضاً أحداث محمد محمود الأولي في نوفمبر التي حُولت من نقاط ثورية عديدة إلي بالونات أُخري لوأد الصراع الثوري و الإستخفاف بعقول الشعب بتُرهات عن ما يُقال بإستفتاء لنيل شرعية و ما إلي ذلك, فقد ساعد المنهج السياسي في نيل شرعية مُعارضة النظام في " بضع " نقاط مما جعل التدعيمات من القوتين مُتبادلة و مُتجاذبة بشد بعضهم البعض بإلتقاء المصالح طوال هذه الفترة إلي أن وصلت إلي تضارب بكل أسف يحمل الخاب لمصر, فكليهما يلعبا بمصائر الأُمة.
تعلم المجلس العسكري من مثيله في تُريكا نقاط و خبرات عديدة من مُقابلات بعد الثورة في عدة نقاط, و كان يُطلق عليها بنوع من أخذ بالتجارب و فوائدها, فيما كان ينص الدستور التركي علي نقطة شديدة الأهمية, فقد قيل فيها "  الجيش التُركي هو حامي علمانية الدولة" و التي إذا أُخذت بسياق موضوعي نري أن لا يوجد فرق بين الدولة الدينية في إيران و الدولة العسكرية في تركياً كليهما متطابقان, و ما غضت القوي نظرها عنه في التعديلات الدستورية علي أن القوات المسلحة لها كامل السلطات لإدارة البلادة و الإعلان الدستوري الفريد من نوعه لم تُعارضه القوي السياسة, فهذا يكشف لنا الأن ماذا كان يُريده أعضاء المجلس العسكري من الدستور و طبيعته و مواده التي لا تتغير.
فبعد فشل المجلس العسكري في خطته الأولي في تخصيب الأرض لصالحه قبل إنتخابات البرلمان من جانب الثوريين زادهم شعلة في توالي سقوط بالونات المجلس العسكري, فقد أصر الثوريين و بدون تعديل علي ألياتهم القديمة و بدون تطويرات إلا قليلة, و غير ذلك من تشرذم واضح جداً, فبعد مُخدر إنتخابات الرئاسة قُلص الزخم الثوري لما يريده العسكري, فبذلك تخلص لفترة محدودة من مُعاديه لينتقل للتخلص من مُعارضيه السياسيين.

الصراع السياسي العسكري, بين أغلبية البرلمان و المجلس العسكري مُعداً له منذ أشهر طويلة بعد فهم كل منهم الأخر, فالإنتهازية لا يمكنني أن أحكم بعدم وطنيتها, و لكنني أستطيع أن أُلوح بإنتهازيتها الواضحة إلي حداٍ ما في توجيه الأمور حسب منهجها مع إقصاء مُتعمد للمنهج الثوري الراكد حالياً, و هذا يسلط الضوء علي التضارب الشديد بين أقوالها و أفعالها, و التي دائماً ما بتدعو إلي جُمل براقة صاحبة جمال مُبهِر, فبتسليط ضوء العسكر في تخطيطهم, فمن الطبيعي أن يسير إنتخابات الطرطور الكبير علي ما يُرام كي لا تُفسد الفاجعة المُنتظرة بهذا الشكل من قبل قوي سياسية تُريد إقصائهم الأن, فطبيعي أن يتمسك العسكر بالسلطة و من الطبيعي أيضاً أن يكون الإخوان أول المناهضين للعسكر سواء لأهداف عامة أو خاصة, و لكن من الا طبيعي و اللا منطقي أن يُشارك الثوريون في مثل هذا حدث, سواء بتدعيم طرطور أو موقف من العسكري و الإخوان, ففي هذا البؤرة أستطيع أن أقول أُعامل كل طرف بحسب توجهاته, فحتي الأن معركة الثوار و العسكر أُفرغت لوقت قصير لإنتخاب الطرطور, بينما معركة الثوار و الإخوان لم تبدأ حتي الأن, فهي مُرتعشة بين مراحل الود و " المُعارضة" و لم تذق ذوق المُعاداة كاملة, و لكن هذه النظرية قابلة للتغيير في أي لحظة, مع التحفظ علي البالونات و طرق تفريغها قبل إطلافها لما يمكن أن تكون عوامل في أحداث ضبابية لا يُمكننا تحديدها الأن, كالفاجعة المُنتظرة من قبل المجلس العسكري غائبة السطور واضحة المعالم.
فكرد فعل طبيعي من الأخوان أن تُحافظ علي صورتها التي أُهتزت خلال الأسابيع الماضية, من إحراجها أمام الحكومة من قبل الجنزوري نفسه و المجلس العسكري, غير ذلك من فشل حل مُشكلات الأزمات المعيشية, و يليها من مُهاترات مجلس الشعب التي تتحملها الأغلبية, و من ذلك ضرورة إيجاد مواقف قوية أيضاً بعد عدة فضائح توالت في البرلمان, فهذه المعركة الهِرمية ليس وليدت اللحظة, بل هي نقطة خلاص و تعلية سلطة الأخر, و بتعبير مُشابه قليلاً و لكن منقوص بعد الشئ, في ألمانيا 1936 حكومة فاشية و برلمان فاشي أنتج هتلر, و لكن في حالتنا جديدة نسبياً و لكن بتجذر موجود في التاريخ و يمكن الإستشهاد به.
بينما العسكري ليس بالسهل لكي يخضع لهذا و بسهولة كما هو مُتوقع, فمن الممكن أن يُسيسسوا مثل هذا المُنازعات لصالح مُعارضيهم أولياً, لأنه في حال عن أي خدوش أو خرابيش قبل إنتخابات الطرطور, بينما يري أخرون أن هذه المعركة بين سلطتين يريدون الإنفراد و المعركة مع كليهما و لا فرق بينهم في شئ سوي في اللحية, و يروا أنها مُجرد لعبة هزلية سخيفة لخلق نوع من التحرك السلبي في المحتمع لصالح المُنتصر, أياً كان, و لكني لا أري في هذه النظرية واقع تذمد مُبالغ فيه.