30‏/12‏/2011

بناء دولة جديدة أم ترميم دولة قديمة؟

شاهدنا في الأيام القليلة الماضية حواراً حاداً بين أفكار قديمة و ًجديدة نسبيا علي المجتمع المصري, الذي عاش عصور من ظلمات الجهل و الفقر و السلطوية, عاني فيها من إستبداد السلطة له, قمع أرائه و حرياته, و سلب حقوقه و موارده الخاصة, حتي وصلت إلي المتاجره به كالرقيق من قبل أُناس لم يكنوا في ضميرهم إلا الظلم, مروراً بالعهود العسكرية و ما قبلها من عهود تم إستعباد الشعب المصري جملةً و تفصيلاً فيها.
إنقسم الثوار -أو كما يطلق عليهم "بلطجية"- في المناهج الفكرية في الأونة الأخيرة بسبب زيادة الممارسات السلطوية و فاشية الدولة العسكرية التي نعيشها الأن, من قمع و إرهاب للضعاف الفكر مما يزيد موقت نهايته يوماً بعد يوم لعدم قرأتهم و موعظتهم للتاريخ الذي عظم و أذل أُناس متعددة الفكر و المنهج, منهم النوابغ و الجهله.
يري البعض في إصلاح أمور يعتبرونها خاطئة ضمن التوجه السائد أو السابق يعد أمراً له صدده أكثر من أي فكر أو نهج أخر في هذه الأفكار. فهذا النهج يدعوا إلي الترميم علي الأراضي الفاسدة دون تغييرات تُعتبر إنقلابية أو ثورية التي يرونها  تؤدي إلي نزيف الدماء و فوضي دستورية و من الممكن أن يصاحبها فوضي عارمة في البلاد علي حد رؤيتهم, فإن هذا الفكر يُدرج تحت أيقونة الفكر الإصلاحي, الذي يدعو إلي إعادة ترميم الدولة الفاسدة و من ثم تطهير الفساد من الدولة بمرور الوقت, مما يزيد نظرة التباطئ في نفوس المُعدمين من الشعب. 
و مع الإتهامات المتكررة من قبل أصحاب الفكر الثوري للإصلاحيين بأنهم يعلنون تضامنهم مع فاشية المجلس العسكري  إنتهاكاته و سلبه كافة الحقوق و الحريات من قمع بدني و قمع فكري علي حد تعبيرهم, مما يسلط الضوء علي أن أصحاب الثوري و الإصلاحي معأ غير وطنيين علي حد فكر البلطجة الإعلامية الموجهه قبلهم من سلسلة جرائم العسكري في حق الثورة.
فيري أخريين من أصحاب الفكر الثوري و هم في مصر يعملون تحت مظلة الفكر الأناركي و الإشتراكية التحررية و الثورية و لهم أفكارهم و مبادئهم السامية التي تهدف إلي بناء دولة قوية ديمقراطية لها تعددية سياسية تحترم كافة الحقوق الحريات و مع العدالة الإجتماعية و مع قتل الفكر الرأسمالي لوسائل الإنتاج مما يعمل علي تفوات الطبقات في المجتمع مع تحكمهم بأقوات عامة الشعب و إستغلالهم و العمل علي سلب الحياة منهم و الترفع عنهم بأموالٍ فانية, فلهم الحق كل الحق إلي عدم تمكين الرأسماليين من تملك وسائل الإنتاج.
فالرؤية الثورية و الرؤية الإصلاحية نري التضاد الكبير بينهم, في ترميم الدولة أم بناء دولة أخري, فترميم الدولة بالنسبة لأصحاب الفكري الثوري يعدوا أستمرار للنهج الفاشي الذي يسلب و ينتهك و يقمع مع تغييرات طفيفة لا تطال الجذور مما يجعلهم يبنون و يفكرون و يزرعون علي أراضي بور غير صالحة للزارعة إلا بعد الجرد, مما يعني البناء ثم الهدم تلقائياً بسبب الأرض الفاسدة, فيري أصحاب الفكر الثوري أن البناء يكون عندما يكون هناك أرض مهيئة للبناء و الزرعة لكي نحصد محصولاً نافع -كذلك الحال في الواقع-. فالبناء يجد نفعاً عندما يكون عندك قاعدة مهيئة و محفوظة لعدم التأكل من الداخل و العمل لتطوير هذا النظام أو المبني أو المؤسسة ألخ ...
و من ناحية أخري يتخوف الإصلاحين من الفكر الثوري في مصر لعدم وجود وعي كافي للنهج الثوري في مصر, مما قد يحدث فوضي علي الثوري, و حدوث متاهات و عواقب تعمل دون بناء دولة جديدة, فلو نظرنا علي الثورة الفرنسية لوجدنا الثورة تم تحقيق طموحها و مطالبها بعد 10 سنوات, و يؤكد الثوريين علي هذه النقطة الواقعية بالنسبة لهم, أن الثورة يمكن ان تكون في الإشتعال لفترات طويلة مما يؤخر بناء الدولة و زيادة نسب البطالة و العجز و الركود و الإنفلات الأمني علي حد الرؤية الإصلاحية, فيري الإصلاحيون انه المدان في هذه النظرية هم محدودي الدخل و الذين يمثلوا أكثر من 60% من الشعب المصر.
فترد النظرية الثورية علي هذه النقطة أن الشهداء أعطوا أرواحهم لكي ينعم الأخرون بالحياة, و أهداف الثورة تكون علي رأسها محدودي الدخل و المُعدمين, فالرهان علي فترة "الفوضي, و هي أسواء الظروف" ستكون أكثر إفادة أن يكون الفقر و الظلم مدي الحياة.
هذه ليست بالنظرية المكتملة فهي نظرية مفتوحة طالما الرهان كان علي الشعب, فهم مصدر السلطات, و يستطيعون إحداث التغيير إلي الأفضل او الأسواء طالما أرادوا.
                                                                                              محمد عبدالوهاب
                                                                                                  30/12/2011


هناك 5 تعليقات:

  1. ممتاز جدا. أفكار عميقة التاثير ووجهة نظر رائعة حول الاوضاع الجارية للدولة المصرية التي مازالت في طور المخاض المتعسر. الدولة التي تتناحر عليها كافة التيارات الزيفة والتي تسلقت على حساب دم الشهداء ومجهودات الشباب الحر الذي صنع ثورة عجزت كافة التيارات والقوى السياسية والدينية والحزبية بكل اطيافها عن تحقيقها او تحريكها.
    عاشت مصر حرة بشبابها وأشبالها أمثال " محمد عبدالوهاب " رجال مصر المستقبل.

    ممتاز " محمد "
    بالتوفيق دوما

    ردحذف
  2. لا مجال إلا لسقوط دولة الظلم و القهر و الإستبداد.
    كسفتني بكلامك.
    شكراً كتيييير. :]

    ردحذف
  3. م/ احمد عبدالعزيز
    طالمامصر يوجد بها شباب مثلك
    لا ولم تسقط ابدا"ا"ا"

    1/1/2012

    ردحذف
  4. ربنا يعزك و يعليك, انا مش لوحدي.
    و إن شاء الله هنبني مصر.

    ردحذف
  5. ربنا يكتر من أمثالك.
    مصطفي

    ردحذف