09‏/02‏/2012

ننحاز إلي العبث

ينحدر بنا الحال هذه الأيام إلي لا شئ, ما بين حُلمٍ أُذهقت لاجله الدماء, و واقعِ يٌستحال فيه أن نُطالب حتي بإصلاح, فلا يزال الحال كما هو مُنذ سنين, أجواءٌ مليئة بالإحباط و الإنحطاط تُضعف قدرة الجبابرة, فلقد وصل الأمر إلي حد الخضوع للسلطة المُحتكرة من الجانب الفاشي, جعجعة تَقتُلنا, عبث ينحرنا, و لامُبالة تسحقنا تحت وطئة حٌلم أذلنا, تحت السلطة تقمعنا, والسلاح علي أعناقنا و إذا أنتفضت فلك أن لا تلوم سوي نفسك.
لم ينضج فِكرُنا كي يناهض مثل هذا البطش السُلطوي المُحصن بالسلاح, و لم نأتي لدرجة توهمنا أننا إنتصرنا أو علي أعتابه, بل إننا مازلنا في القاع مهما حاولنا; تجمعنا أهداف بلا توحد, تجمعنا إديلوجيات بجعجعة فارغة, نَميل إلي حد الفراغ الفكري من أليات الوصول لأحلامنا.
ليس هذه بكلمات مُحبطة, بل إنها وقفة لكُل جعجاعٍ لعين, صورت له نفسه أنه صاحب القُدرات الذهنية و العلمية الخارقة بيننا نحن الثوار, التي لا يملكها سواه, من الطرفين, الطرف صاحب السذاجة العاطفية و المُتحاذق صاحب الترفع الرافض فارغ المحتوي, فكِلاهم يقضون علينا بتطرفهِ و إنحيازه للعبث.
دعواتٌ تصعيدية ما بين موجات عنيفة, و مسيرات نالت منا جميعاًi; لأنها نجحت في الحشد و لكن دون مُحتوي يُصدقه عقل, فكلهم أجمعوا علي "إسقاط حٌكم العسكر" بسلمية و بأقصي درجات السلمية, و أُدرج تحت السلمية أحداث محمد محمود الأخيرة و حرق الأقسام المُديريات الأمنية في أحداث يناير 2011, فلقد أفرزت هذه تالأحداث تحت مُنطلق العُنف العشوائي المُبرر مقياساً بمردود الفعل من البداية, و أضف إلي ذلك فشل التعامل الأمني مع المُتظاهرين ...ألخ
تتطور هذه الأحداث و تكثر معها الخبرات, دعوني أكُن ساذجاً للحظات; لأن ثورتنا في البداية كانت ساذجة, ثورة إصلاحية !, أدهشك تعبيري إذاً, فهذا أصدق تعبير علي الحال, فلم يٌغير أي شئ في العلاقات الإجتماعية لدي المُجتمع المصري إلا طفيفاً, و هذا يُنافي تماماً مُصطلح الثورة, فالثورة هي تغيير جذري و كُلـــي و شــامــل في كافة العلاقات و الأنظمة الإجتماعية لدي المُجتمع مما جعلنا نستمرة في مشوارنا لأجل التغيير, حُلم التغيير الذي نال منا تماماً, و حرصنا جميعاً عليه, لعدم فٌقدانه, خوفاً أن يكونَ أضغاظ أحلامٍ ليس إلا.
مٌحبط قليلاً ؟ حقيقة لا, بل هذا يدفعنا كافة إلي تدعيم هذا الحُلم بواقع سنقف كثيراً كثيراً عليه نتدارك ما تقدم و ما تأخر من أحداث, تًعد سابقة من نوعها في تاريخ العالم الحديث.
تُعد كلماتي ناقضةً مُتناقضة, ما بين فشلَ ذريع, و نصرٍ عظيم; لأن مهما حدث و مهما خسرنا جوالات فلقد حسمنا النهاية لنا, مع حٌسبان تقهقر شديد في السلطة من حيثُ أبعادٍ كثيرة أُلخصها في الآتي:-
• نمو الوعي السياسي و الإجتماعي بين أغلب طبقات المُجتمع.
• الإتفاق الشامل الكلي علي الأهداف بسبب عدة أحداث مُتعمدة تتابعت و أثرت إيجاباً علي المُجتمع بإستثناء أصحاب السلطة التي أثرت بتذبذُب شديد في تصريحاتهم مصحوبة بقرارتهم.
• ظمئنه البطون و رفضها للمُسكنات كاذبة الواقع.
ففي تصوري تُعد هذا الأسباب كافية لقتل السلطة بطيئاً, و براديكالية قوية و لكن بالتحلي ببعض من الصبر, مع الإستمرار في الأعتبار أن الشارع المصري يزداد سخونة ملحوظة يوماً بعد يوم.
لا يُعد الإضراب العام هو الأمر الراديكالي المُخلص من كل الآفات السلطوية, بل يُعد سلاحاً قوية من ضمن أسلحة عديدة يُفرزها الشارع, تستطيع بإتوحدها إسقاط الطاغوت عن عرشه, و بأليات جديدة كثيرة, فلا تُقلل بالمقولة المُعتادة القول في الربيع العربي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر" فصدق من قالها, فلا يوجد من يقف أمامها, إنها أوراق قوية شامخة سلمية تعمل لأصحاب الحق و تبطش أصحاب الضغائن.
الإستمرار في فرز قُدرات الثوار يُقهقر السُلطة تماماً من حيث إعتبارات عدة ذكرتها, من مسيرات أرتعشت لها الأذهان, و صيحات إستغاثة من قلب الشارع, و حملات جائت في الصميم.
مُعادلة بسيطة تُغنينا عن كل هذا ألخصها في الآتي:-
• الشباب, فهم ضمائر الآمة.
• العُمال, هم قوة النظام و ضعفه.
• أصحاب حقوق الشعب, دِرعُنا الأقوي.
• أفكارنا, هي قيادتنا.
• صوتنا, أقوي أسلحتنا.
إذا خانتك الظروف و فُتحت الأبواق لقصمك, فلا تآبه و سِر في طريقك ثابتاً شامخاً مُتحدياً العالم أجمع.

محمد عبدالوهاب
٩/٢/٢٠١٢

هناك 12 تعليقًا:

  1. ما شاء الله :)

    ردحذف
  2. و وضع الندا في موضع السيف بالعلا .. مضر كوضع السيف في موضع الندا ..

    ردحذف
    الردود
    1. الله مُعبرة - ع فكرة البتاعة ديه انا الكاتبهل مش مقتبسها عن حد.

      حذف
  3. رائع رائع .. مقالتك شجعتني أنا كمان أدون :))

    ردحذف
    الردود
    1. التدوين مفيد جزاً للتنفيس عن النفس و عن الواقع في البلد.

      حذف
  4. التعليق الوحيد اللي لازم اقوله اني و انا بقرأها كنت حاسه اني انا اللي كتباها و ان هيا دي الافكار اللي في دماغي في وقتها. هايله

    ردحذف
  5. لي عظيم الشرف يا استاذه مروه. :-)

    ردحذف
  6. حلوة اوييي و خاصة الالفاظ الي فيها قوية بجد ...... بتوفيق :]

    ردحذف
  7. تسلم دماغك يا رفيق.... حاول تشتغل اكتر على ضبط اللغة والأمور هتبقى زي الفل

    ردحذف
    الردود
    1. أكيد إن شاء الله و هيكون بمساعدتك يا كومراد. :-)

      حذف